يتألف المتحف الاسكري الذي يقع في مدينا اسطنبول، والذي قامت رئاسة معهد التاريخ العسكري والاستراتيجي بإنشائه، من بناء تاريخي كان يستخدم كمدرسة عسكرية في المرحلة الأخيرة من العهد العثماني، إضافة إلى عدد من الأبنية التي أضيفت لاحقا. ويعود زمن وجوده إلى فترة فتح القسطنطينية عندما قام السلطان محمد الفاتح بتحويل كنيسة “ايا إيريني” إلى مخزن للأسلحة، وفي عهد السلطان أحمد الثالث 1726 تم تنظيم المستودع بطريقة يمكن فيها رؤية الأسلحة بسهولة. فكانت هذه البدايات الأولى للمتحف العسكري. وتواجهك عند مدخل المستودع لوحة وضعت أعلى الباب، كتب عليها: دار الأسلحة.
وفي عام 1807 تم السطو على المستودع من قبل المناهضين لإقصاء السلطان سليم الثالث عن العرش، وفي عام 1826 تم إتلاف الكثير من تحفه أثناء الاحتجاجات، وإلى إغلاق جمعية التجديدين.
فقد المكان أهميته بعد هذه الحوادث، حتى مجيء عام 1839 عندما تقرّر استخدامه كمستودع للأسلحة، وبعد ذلك وبمساعي مشير المدفعية أحمد فتحي باشا تم إعادة جرد التحف الموجودة في كنيسة “ايا ايريني”. وفي عام 1846 تم إنشاء أول متحف عسكري بالمعنى الحديث، وكان مؤلّفا من قسمين هما قسم “مجمع الأسلحة” وقسم “مجمع الآثار القديمة”.
وفي عهد السلطان عبد العزيز -1861-1876-، تم إعادة ترميم المتحف، وشكّلت تحف قسم “مجمع الأسلحة” النواة الأساسية للمتحف العسكري، وكانت تضم: الأسلحة، البلطات، السيوف، المغارف، موازين الجيش وما إلى ذلك من التحف العسكرية.
أما تحف قسم “مجمع الآثار القديمة” التي تم ضمّها بعد ذلك إلى مجموعة تحف “متحف الآثار” فكانت تضم: المومياءات المستقدمة من مصر، أدوات من البورسلان الصيني، مخطوطات وغيرها من التحف المختلفة.
وبعد إعلان المشروطية الثانية -وهي الفترة التي بدأ فيها إعلان الدستور العثماني من جديد في 24 تموز 1908م-، وبمساعي من مشير المدفعية علي رضا باشا، تم تشكيل لجنة تنظيم المتحف، برئاسة رئيس نقابة المهندسين البرييّن فريك أحمد مختار باشا، مهمتها تجميع الكثير من المواد التحفية المبعثرة، ونتيجة هذه المحاولات تم تجميع عدد كبير من القطع الأثرية في كنيسة “ايا ايريني” وتم افتتاح متحف سمي “المتحف العسكري العثماني”.
ومن فترة إلى أخرى كانت تقام في المتحف حفلات موسيقية من قبل عناصر العرض العسكري العثماني “ميهتار” .
وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية تم نقل تحف كنيسة “ايا ايريني” لأسباب أمنية إلى مدينة “نيدى”. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم نقل مجموعة التحف البالغ عددها 7000 قطعة إلى مستودع الأسلحة التابع لـ”مجكا” ونتيجة تجيير المستودع لصالح جامعة إسطنبول التقنية تم نقل التحف عام 1955 إلى صالة الجمباز الحربي القديم، وفي عام 1967 تم الانتهاء من مشروع افتتاح القسم الأول من المتحف العسكري المعروف اليوم، والذي يحتوي توقيع المعماري “نزيه الدن”، وفي عام 1993 انتهى إعمار المبنى بشكل كامل.
هذا ويحتوي المتحف على 55000 قطعة أثرية، تضم الميداليات، الأعلام وحوامل الرايات، الألبسة العسكرية، القمصان المدرعة، الدروع، اللوحات، أنواع مختلفة من الأسلحة، وما إلى ذلك من التحف التي تعرض مسيرة التطور والتقدم العسكري عبر التاريخ ولا يعرض منها للزوار سوى 5000 قطعة.ويتألف الطابق السفلي من: زاوية السلطان محمد الفاتح والسلطان سليمان، صالة الأسلحة النارية، صالة نماذج سلاح المدفعية، معهد أتاتورك، صالة أدوات عزف العرض العسكري “ميهتار”، صالة الأسلحة الحادة، صالة ركوب الخيل، صالة التعريف، صالة الصومال والبوسنا وكوسوفو، صالة الأمن الداخلي، صالة الرايات وحوامل الرايات، زاوية البحرية، معرض الشهداء، معرض الخيم، الألبسة العسكرية.
أما الطابق العلوي فيتألف من: صالة التحف العرقية، صالة أتاتورك، صالة وثائق المسألة الأرمنية، صالة المخطوطات والمراسيم السلطانية، زاوية سليم الثالث، صالة الرئيس كنعان ايفرن، صالة معارك جناق قلعة، صالة الحرب العالمية الأولى، صالة مرحلة المشروطية، صالة قبرص وكوريا، صالة رؤساء الأركان، صالة حرب الاستقلال.
ومن بين التحف الموجودة، 14 سيفا للسلطان سليمان القانوني، وكذلك القماش الذي كان يغطي به حصانه، وأعلام مزخرفة لسلاطين المماليك وملوك الفرس، بالإضافة إلى السلسلة الحديدية البيزنطية التي كانت تحيط بالقسطنطينية قبل الفتح العثماني، وسيوف عائدة للجنود الصليبيين، والبندقية التي أدت بالخطأ إلى إصابة السلطان محمود الثاني، وكذلك مجموعة تحف مختلفة عائدة لأتاتورك، وغيرها من التحف القيّمة.
كما إن العروض الفنية التي يقدّمها قسم العرض العسكري العثماني “ميهتار” يوميا من الساعة الثالثة إلى الساعة الرابعة في صالة معرض “حسن رضا” تجذب اهتمام زوار المتحف بشكل كبير.